سورة طه - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (طه)


        


{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} ليس هذا سؤال استفهام، وإنما هو سؤال تقرير لئلاّ يدخل عليه ارتياب بعد انقلابها حيةٌ تسعى.
{قَالَ هِيَ عَصَايَ} فتضمن جوابه أمرين:
أحدهما: الإِخبار بأنها عصا وهذا جواب كافٍ.
الثاني: إضافتها إلى ملكه، وهذه زيادة ذكرها ليكفي الجواب بما سئل عنه.
ثم أخبر عن حالها بما لم يُسأل عنه ليوضح شدة حاجته إليها واستعانته بها لئلا يكون عابئاً بحملها، فقال: {أَتَوكَّؤُاْ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَ عَلَى غَنَمِي} أي أخبط بها ورق الشجر لترعاه غنمي. قال الراجز:
أهش بالعصا على أغنامي *** من ناعم الأراك والبشام.
وقرأ عكرمة {وأهس} بسين غير معجمة. وفي الهش والهس وجهان:
أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد.
والثاني: أن معناهما مختلف، فالهش بالمعجمة: خبط الشجر، والهس بغير إعجام زجر الغنم.
{وَلِيَ فِيهَا مَئَارِبُ أُخْرَى} أي حاجات أخرى، فنص على اللازم وكنّى عن العارض، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه كان يطرد بها السباع، قاله مقاتل:
الثاني: أنه كان يَقْدَحُ بها النار، ويستخرج الماء بها.
الثالث: أنها كانت تضيء له بالليل، قاله الضحاك.


قوله عز وجل: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: إلى عضدك، قاله مجاهد.
الثاني: إلى جيبك.
الثالث: إلى جنبك فعبر عن الجنب بالجناح لأنه مائل في محل الجناح.
قوله عز وجل: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} يحتمل وجهين:
أحدهما: لحفظ مناجاته.
الثاني: لتبليغ رسالته.
{وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} يحتمل وجهين:
أحدهما: ما لا يطيق.
الثاني: في معونتي بالقيام على ما حملتني.
{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها عقدة كانت بلسانه من الجمرة التي ألقاها بفيه في صغر عند فرعون.
الثاني: عقدة كانت بلسانه عند مناجاته لربه، حتى لا يكلم غيره إلا بإذنه.
الثالث: استحيائه من الله من كلام غيره بعد مناجاته.
{يَفْقَهُواْ قَوْلِي} يحتمل وجهين:
أحدهما: ببيان كلامه.
الثاني: بتصديقه على قوله.
{وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي} وإنما سأل الله أن يجعل له وزيراً إلا أنه لم يرد أن يكون مقصوراً على الوزارة حتى يكون شريكاً في النبوة، ولولا ذلك لجاز أن يستوزره من غير مسألة.
{هَارُونَ أَخِي اشدُدْ بِهِ أَزْرِي} فيه وجهان:
أحدهما: أن الأزر: الظهر في موضع الحقوين ومعناه فقوّ به نفسي. قال أبو طالب:
أليس أبونا هاشمٌ شد أزره *** وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب
الثاني: أن يكون عوناً يستقيم به أمري. قال الشاعر:
شددت به أزري وأيقنت أنه *** أخ الفقر من ضاقت عليه مذاهبه
فيكون السؤال على الوجه الأول لأجل نفسه وعلى الثاني لأجل النبوة. وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين، وكان في جبهة هارون شامة، وكان على أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه [شامه].


قوله عز وجل: {وَأَلْقَيتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي} فيه أربعة أوجه:
أحدها: حببتك إلى عبادي، قاله سلمى بن كميل.
الثاني: يعني حسناً وملاحة، قاله عكرمة.
الثالث: رحمتي، قاله أبو جعفر (الطبري). الرابع: جعلت من رآك أحبك، حتى أحبك فرعون فسلمت من شره وأحبتك آسية بنت مزاحم فتبنتك، قاله ابن زيد.
ويحتمل خامساً: أن يكون معناه: وأظهرت عليك محبتي لك وهي نعمة عليك لأن من أحبه الله أوقع في القلوب محبته.
{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عيْنِي} فيه وجهان:
أحدهما: لتغذي على إرادتي، قاله قتادة.
الثاني: لتصنع على عيني أمك بك ما صنعت من إلقائك في اليم ومشاهدتي.
ويحتمل ثالثاً: لتكفل وتربى على اختياري، ويحتمل قوله: {عَلَى عَيْنِي} وجهين:
أحدهما: على اختياري وإرادتي.
الثاني: بحفظي ورعايتي.
{كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحزَنَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: تقر عينها بسلامتك ولا تحزن بفراقك.
الثاني: تقر بكفالتك ولا تحزن بنفقتك.
{وَقَتَلْتَ نَفْساً} يعني القبطي.
{فَنَجَّينَاكَ مِنَ الْغَمِّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: سلمناك من القَوَد.
الثاني: أمناك من الخوف.
{وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أخبرناك حتى صلحت للرسالة.
الثاني: بلوناك بلاء بعد بلاء، قاله قتادة.
الثالث: خلصناك تخليصاً محنة بعد محنة، أولها أنها حملته في السنة التي كان يذبح فرعون فيها الأطفال ثم إلقاؤه في اليم، ومنعه الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جره بلحية فرعون حتى همّ بقتله، ثم تناوله الجمرة بدل التمرة، فدرأ ذلك عنه قتل فرعون، ثم مجيئ رجل من شيعته يسعى بما عزموا عليه من قتله قاله ابن عباس.
وقال مجاهد: أخلصناك إخلاصاً.
{ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} فيه وجهان:
أحدهما: على قدر الرسالة والنبوة، قاله قاله قتادة.
الثاني: على موعدة، قاله قتادة، ومجاهد.
ويحتمل ثالثاً: جئت على مقدار في الشدة وتقدير المدة، قال الشاعر:
نال الخلافة أو كانت له قدراً *** كما أتى ربه موسى على قدر

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8